نام کتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز نویسنده : ابن عطية جلد : 4 صفحه : 127
على العروش، وَبِئْرٍ، قيل هو معطوف على «العروش» وقيل على «القرية» وهو أصوب، وقرأت فرقة «وبيئر» بهمزة وسهلها الجمهور، وقرأت فرقة «معطلة» بفتح الميم وسكون العين وفتح الطاء وتخفيفها، والجمهور على «معطّلة» بضم الميم وفتح العين وشد الطاء، و «المشيد» المبني بالشيد وهو الجص، وقيل «المشيد» المعلى بالآجر ونحو. فمن الشيد قول عدي بن زيد:
شاده مرمرا وجلله كلسا ... فللطير في ذراه وكور
شاد، بنى، بالشيد والأظهر في البيت أنه أراد علاه بالمرمر. وقالت فرقة في هذه الآية إن مَشِيدٍ معناه معلى محصنا، وجملة معنى الآية تقتضي أنه كان كذلك قبل خرابه ثم وبخهم على الغفلة وترك الاعتبار بقوله، أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ أي في البلاد فينظروا في أحوال الأمم المكذبة المعذبة، وهذه الآية تقتضي أن العقل في القلب وذلك هو الحق ولا ينكر أن للدماغ اتصالا بالقلب يوجب فساد العقل متى اختل الدماغ، فَتَكُونَ، نصب بالفاء في جواب الاستفهام صرف الفعل من الجزم إلى النصب، وقوله فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ، لفظ مبالغة كأنه قال: ليس العمى عمى العين وإنما العمى حق العمى عمى القلب، ومعلوم أن الأبصار تعمى ولكن المقصد ما ذكرناه، وهذا كقوله عليه السلام، «ليس الشديد بالصرعة وليس المسكين بهذا الطواف» . والضمير في فَإِنَّها للقصة ونحوها من التقدير وقوله الَّتِي فِي الصُّدُورِ، مبالغة كقوله يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ [آل عمران: 167] كما تقول: نظرت إليه بعيني ونحو هذا، والضمير في يَسْتَعْجِلُونَكَ لقريش، وقوله وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وعد ووعيد وإخبار بأن كل شيء إلى وقت محدود، و «الوعد» هنا مقيد بالعذاب فلذلك ورد في مكروه، وقوله وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ، قالت فرقة: معناه وَإِنَّ يَوْماً من أيام عذاب الله كَأَلْفِ سَنَةٍ مما تعدون من هذه لطول العذاب وبؤسه، فكأن المعنى فما أجهل من يستعجل هذا وقالت فرقة معناه وَإِنَّ يَوْماً عند الله لإحاطته فيه وعلمه وإنفاذه قدرته كَأَلْفِ سَنَةٍ عندكم ع وهذا التأويل يقتضي أن عشرة آلاف سنة وإلى ما لا نهاية له من العدد في حكم الألف ولكنهم قالوا ذكر الألف لأنه منتهى العدد دون تكرار فاقتصر عليه ع وهذا التأويل لا يناسب الآية، وقالت فرقة: إن المعنى أن اليوم عند الله كألف سنة من هذا العدد، من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم «إني لأرجو أن تؤخر أمتي نصف يوم» ، وقوله «يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم» ذلك خمسمائة سنة، ومنه قول ابن عباس: مقدار الحساب يوم القيامة ألف سنة فكأن المعنى وإن طال الإمهال فإنه في بعض يوم من أيام الله وكرر قوله وَكَأَيِّنْ لأنه جلب معنى آخر ذكر أولا القرى المهلكة دون إملاء بل بعقب التكذيب ثم ثنى بالمهملة لئلا يفرح هؤلاء بتأخير العذاب عنهم، وقرأت فرقة «تعدون» بالتاء، وقرأت فرقة «يعدون» بالياء على الغائب.
قوله عز وجل: